السكوت
السكوت...
الانفعالات غير
المُعبر عنها لن تهدأ او تندثر او تعود ادراجها كما يعتقد الاغلبية بل ترتدي أقنعه
أخرى حتى تستطيع العبور إلى الساحة الوعي بالكلام او بالسكوت .
السكوت يعني عدم القدرة على التعبير عن الآلام او الإحزان و عدم إخراج
المشاعر على شكل نثر او شفاهي او مكتوبة..
في معظم الأحيان يكون قاتل للفرد معوق لارادته ، لا تدخل سجنه أنه
كالحكم المؤبد الذي لا يقبل الاستئناف. ويشبه الورم الخبيث الذي لا يغادر
صاحبه حتى يدخله القبر. السكوت هو من صنع العابثون بحقوقنا ، هو من
أعطى الجلادين حق تقرير مصيرنا .
مجمل الشخصيات فيها هذا العرض (السكوت) و هو مؤشر عن الهشاشة النفسية نجده بنسب مختلفة لدى البشر، فهذا العرض يرتفع عند العصابي لانه يكبت المشاعر التي تثير لديه الالم فتراه صامت و لا يتحدث فهو يفضل العزلة عن الاختلاط. و يختفي تدريجيا عند الحدي لان طبيعة شخصيته تهمل الكلام و تفضل القيام بالفعل عوض عن الحديث اما بالنسبة الذهاني تصبح عنه صبيب لغوي غير مفهزم بسبب سيطرت الهلاوس و الهذيان على ساحة الوعي عنده.
ويرجع هذا
الجدول المرضي إلى محددات الشخصية عند كل نمط. فالمحدد الاجتماعي قوي عند العصابي
فبالتالي يتجاهله حتى يستطيع خفض التوتر . و المحدد الاقتصادي يلعب دور كبير عند
الحدي فميله للاعمال اليديوية يزيد من تركيزه على الفعل بدل الكلام فهو منشغل
بنفسه عوض اهتمامه بالآخر.
اما الذهاني
فانفصاله عن الواقع و الاهتمام بعالم الداخلي يغنيه عن الاهتمام بالمجتمع فهو حين
يتكلم فهو ينصت و اذا سكت فهو يتكلم في عالمه الداخلي .
وهذا لا يعني أن
بنية احسن من أخرى و لكن من وجد في نفسه هذا أو ذاك يستطيع تصنيف نفسه و بالتالي
يمكنه الاستبصار.
و الاستبصار بدايته المرونة النفسية و هي التصالح مع النفس،
فنفسك تعتقد انك سببت لها الاذى في الماضي . و لن يتم هذا الا اذا كتبت على الورق
الأبيض قصة حياتك دون أن تستحي أو تخاف منها اكتب الأحداث الكبرى في حياتك
كالصدمات ، الاعتداء بجميع انواعه ،الاحباط ، الظلم ، خيبات الامل لا يهمك اكتب
واذا جاءت الدموع فلا تمنعها من الخروج ،و اذا جاء الضحك فتركه يصعد. لا تنزعج اذا
لم تجد ما تكتب فالتداعي سوف يجعل الأحداث تتشابك و تنشط الذاكرة و تاريخيك مما
يسمح بتطفو الاثار الذكراوية إلى السطح .
بعدها ستشعر بالتحسن و تقفل تلك الملفات التي جعلت منك
ذاك الانسان الحزين و لا يعلم سبب حزنه.
الساكت في الدين شيطان أخرس، و امام القضاء مضلل للعدالة و في المنزل مفرق
الجماعات.
كبت الانفعالات و عدم
ترجمتها الى كلمات يبقى الشحنة حرة على مستوى اللاشعو فتلتحم هذه الطاقة الحرة
مع التصورات ،حيث تصبح قوية وتنشأ لديها رغبة العبور الى الوعي
و بالتالي تصطدم مع الواقع
و إذا تصادفت
مع آليات دفاعية غير متكيفة فسوف تعبر دون
إلى الوعي دون مرورها على رقابة الأنا .
ففي
العديد من هذه الحالات و حسب نوعية العقلنة الممتدة بين جيدة، المتوسطة و السيئة التي
تستخدمها بنيات الجهاز النفسي ، سوف تخلق الأمراض النفسجسدية الموسومة في المقالات
السابقة
Comments
Post a Comment
تسعدني تعليكاتكم و ليتكم تطرحوا اسئلتكم و ماذا تردون ان انشر