خرافة السحر
الزار
أو الحضرة
التفكير
الخرافي هو التفكير الذي يختلف مع مبدأ الواقع، ويقوم على إنكار الحقائق العلمية
ورفض المنهجية الموصلة الى نتائجها . فالتفكير الخرافي هو ضرب من الجنون يصير فكرة
من غير أساس واقعي على الإطلاق تخرج إلى المتلقي عن طرق سرد مثلها مثل لاوعي
الذهاني.
إذن
فهو تصور مشوه متشبع بالضلالات، وليس قابل للتحقيق واقعياً، ولكونه طريف يفرض نفسه
بديلاً عن الواقع ،وهذا المنتج السردي الذي ويفيض بمضامين و رؤى سحرية (عابد
الجابري،1982).
بمعنى
أن التفكير السحري و ممارسة طقوسه يمتلك وظيفة تفسير غيبي للظواهر النفسية و
الطبيعة، وتشكِل العقلية السحرية منطلقا لتفسير العلاقات القائمة بين الأفراد ايضا،
وتحديد منطقية الظواهر الاجتماعية و سببيتها.
فالسحر في المجتمعات التقليدية يأخذ صورة ممارسة اجتماعية تهدف إلى تحقيق الرغبات،
ودرء المخاوف وتحقيق أمن النفسي، إنه حيلة الإنسان العاجز وأداته في مواجهة
التحديات الغادرة(مصطفى حجازي،1989).
لذا
يرى مالينوفكسي أن السحر يمارس وظيفة حيوية في المجتمعات البدائية رغم تمدنها
الظاهري فهو استجابة الإنسان الذي يشعر بالقصور والضعف وقلة الحيلة في عالم لا يستطيع
التحكم بالمصيره. فالسحر يسجل حضوره الكلي عندما تضعف مقدرة الإنسان العقلية على إدراك
أسباب الظواهر ونتائجها في الآن الواحد (Malinowski , 1926).
والطقوس
الممارسة تعتبر صورة رمزية لدلالات اجتماعية متخيلة لما يحدث في التفاعلات الاجتماعية،ورغم
التقدم فهذه طقوس تبقى متأصل في الذاكرة الجمعية اللاشعورية للمجتمع (أسعد وطفة،2019
).
الإشكالية:
مازالت
مظاهر الخرافة و التفكير السحري تسجل حضورها بقوة في الحياة الاجتماعية و الثقافية
في شمال أفريقيا و الشرق الوسط في مختلف طبقاتها ومستوياتها. و يقرر الباحثون في هذه على مختلف عقائدهم
بأن الخرافة تسجل حضورها الواسع في عقليتهم المعاصر، وأن الرواسب الفكرية و الاعتقادية
لعصور السحيقة لتزال تشكل كيانهم الوجداني.
فيلجوا إلى الكاهن أو الشمان بغيت طلب المساعدة أو الشفاء لاعتقاد أفراد الجماعات أن لشمان قدرات خفية تمكنه من تسخير قوى غير محسوسة لها القدرة على إخضاع القوى الغيبية.
فيلجوا إلى الكاهن أو الشمان بغيت طلب المساعدة أو الشفاء لاعتقاد أفراد الجماعات أن لشمان قدرات خفية تمكنه من تسخير قوى غير محسوسة لها القدرة على إخضاع القوى الغيبية.
يطلق على هذه الممارسات في
المشرق بالزار و بالحضرة في المغرب و هي من ترسبات الخرافة، و الهدف من عقده هو
التخلص من المس الشيطاني ومن المعنات المنجرة عنها؛ بمعنى إخراج الجن
الذي يتلبس المرأة أو الرجل.
يتم
ذلك بتقديم القرابين للتغلب على الروح الشريرة و السيطرة عليها و إرغامها على
مغادرة الجسد المتلبس المنهك. لا يخلو المخيال القصصي الشعبي من حكاية من استعصى
المرض منه و احتار الأطباء في علاجه أو حتى تشخيص الداء الذي يعاني منه، فما كان
من أهل البيت سوى أنهم ذهبوا به إلى حلقة الزار او الحضرة!
وتبدأ
الحكاية بالشخص المريض الذي يتردد على الأطباء بسبب فقدان أمل بالشفاء ؛ لذلك يشار عليه بلقاء «الكوديا»
او«المقدم» ، وفي الحضرة يتم عزف أغانٍ شعبية، وأنغام غريبة وطبول.. ويقال إن كل
نغمة من الأغاني خاصة بواحد من الأسياد او الجن ، وعندما يسمع الشخص المريض هذه
النغمات يقوم فجأة بالرقص عليها، رغما عنه؛ وفي النهاية يغمى عليه ويرتمي على
الأرض و يصاحب هذا الارتماء تشنجات في الإطراف.
90 % من الحالات التي تلجأ للزار من النساء 95 %
من الرجال يلجأ إلى الحضرة، وغالبًا ما تكون القصص مرتبطة بالعشق و الغرام و الزواج .
تتذكر
الدرسات الميدانية في علم الاجتماع الثقافي و الانثروبولوجيا أنه لا يوجد تباين في
المستوى بين أتباع الزار و الحضرة فهناك الكثير من المتعلمين و أصحاب الشاهدات و
كبار المسؤولين .
يبقى
الأمر على ما هو عليه مادام الإنسان يضع تفكيره على رف المكتبة و بغوص في الموروث
الثقافي المنغمس في الخرافة و من بينها التفكير السحري مستندا في ذلك على بعض
الرويات التي لا نستطيع علميا إثبات صحتها.
المراجع:
1. علي أسعد وطفة ،المظاهر الأسطورية
والسحرية في التفكير العربي، المنار العدد 12 ،2019 ، الكويت.
2.
محمد عابد الجابري، صراع
المعقول واللامعقول في الفكر العربي الإسلامي، الفكر العربي المعاصر، عدد صيف ،1982
.
3.
Malinowski, myth in
primitive psychology -London-Kegan Paul -1926.
4.
علي زيعور، التحليل النفسي
للذات العربية: أنماطها السلوكية والأسطورية، دار الطليعة، بيروت 1987.
5.
مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي:
سيكولوجية الإنسان المقهور، معهد الإنماء العربي، بيروت 1989.
Comments
Post a Comment
تسعدني تعليكاتكم و ليتكم تطرحوا اسئلتكم و ماذا تردون ان انشر