تفسير الجريمة عند (أنريكو فيري)
تفسير الجريمة عند
(أنريكو فيري)
أسباب الانحراف و الجريمة عند "فيري" بناء على
معتقدات "بكاريا " "لمبروزو" قرر بان الجريمة و الانحراف
يعتبران حصيلة مقدرات تتعلق بعلم الإنسان و تطوره علاوة على المعطيات التي تختلف
باختلاف الأشخاص و ظروفهم و التي منها الطبيعية و الاجتماعية كما يعتقد "فيري
بأن هذه الخصائص و العناصر تؤدي إلى الجريمة و الجنوح نتيجة انصهارها تفاعلها
بعضها مع بعض الأخر،إلا انه يمكن الفصل كل واحدة منها على حدة لغرض دراساتها و
التعرف عليها و من الخصائص المتعلقة بذات الفرد أو بعلم الإنسان (الانتربولوجيا)
حسب رؤية "فيري"عمر الفرد ،الجنس،الحرفة ،الوضع العائلي،الاقتصادي و
السكن أما المعطيات الطبيعية و البيئة الاجتماعية يذكر منها المناخ ،عدد السكان و
ديانتهم وظروف هجرتهم وأجناسهم و سلالاتهم وغيرها من الظواهر و الخواص المحيطة بالكون
و الحياة.
وقد تمكن "فيري "من صياغة نظرية اسماها
"قانون التشبع الإجرامي"مفادها هذا القانون انه إذا كان في حجم معين من
الماء وفي درجة معينة يذوب قدر معين من مادة كيميائية لا يزيد ذرة واحدة- بالمثل-
في وسط معين وفي ظروف فردية ونفسية و اجتماعية يتحقق عدد معين من الجرائم إلا
زيادة ولا نقصان فالعلاقة ثابتة من الإجرام من ناحية و بين الوسط و الظروف
الطبيعية و الأخلاقية و العضوية التي يعيش فيها المجرم من ناحية أخرى.
التفسير النفسي للجريمة و الانحراف:
ويرجع علماء
النفس الانحراف إلى الاضطرابات العاطفية و يرجعون ذلك إلى أن السلوك الانحرافي ما
هو إلا سلوكا حركيا لتكوين علاقة مع أشخاص آخرين.
لقد سعى أصحاب هذه النظرية في بداية القرن التاسع عشر للاهتمام بتفاعل
العوامل الاجتماعية و البيئية مع أي سلوك عن طريق التحليل النفسي لشخصية الفرد.
و يعتبر (سيجموند
فوريد) 1856-1939مؤسس و عميد مدرسة التحليل النفسي و الذي استعرض معرفة
مصدر المشكلة أو المرض النفسي من خلال دراسة اللاشعور الذي يشمل على الذكريات
المفرحة و المؤلمة لأي فرد كان.
هذا و يقسم فرويد الشخصية الإنسانية إلى ثلاثة أقسام.
ا-الهو: و تشمل الغرائز
الفطرية و الشهوات و هي عبارة عن مستودع تنازع فيه غريزتي الجنس و الموت ،و تسعى
الذات لإشباع جميع رغبات و شهوات الإنسان بأي وسيلة كانت حتى يتجنب الإنسان
الاضطراب.
هذا و يرمز إلى الذات
البدائية id وهي كلمة لاتينية الضمير الغائب لغير العاقل، أي
أنها النفس الشهوانية و الطفل عندما يولد يكون مزودا بهذه الغرائز الفطرية، ولا
يسعى الطفل في هذه المرحلة العمرية من حياته إلا لإشباع غرائزه ، حتى يتخلص من
ألامه لذا فانه يعيش لذاته و إرضاء أنانيته على حساب الآخرين.
ب-الأنا: و تأتي هذه
المرحلة عندما تنمو حواس الطفل و أجهزته العقلية و العصبية ، و تزداد خبرته بمن
حوله من العالم الخارجي فيبدأ بتفهم ذاته.
وعندما تتسع
مداركه و يشعر بذاته و شخصيته ، و يتعرف على بيئته التي تبدأ بالأسرة ثم العالم
الخارجي فتزداد رغباته و نزعاته و تتشعب علاقته ومع هذا التشعب تبدأ الرغبات
بالصدام بالواقع الخارجي الذي قد لا يحقق له جميع هذه الرغبات ومن هنا يبدأ الصراع
بين إشباع غرائزه و رغباته وبين متطلبات البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها و تبدأ
الضغوطات النفسية عليه ، فيلجا للاستجابة و التنازل عن هذه الرغبات تدريجيا فتكبت
في اللاشعور ، و الذات موقف التعقل فتبدأ بالتوفيق بين ضرورة إشباع رغبات الطفل
حيث تجنبه الألم من جهة و تجنبه التناقض مع قوانين و أعراف وقيم المجتمع من جهة
أخرى.
يرتبط نمو
الأنا العلوي بسلامة نمو الذات ، وتقدر الأنا العلوية على ضبط الأمور ، و إذا ما
ضعفت الذات العليا فان هذا يجعلها تتحرر و تفلت من المثل و القيم ,و تتحرر كذلك
الدوافع و الغرائز و تبدأ بالتفتيش والبحث عن طرق ووسائل الإشباع , و تحقيق اللذة
دون النظر لأي معيار أو قيمة خلقية أو دينية و هنا يقع الشخص في الانحراف.
و يرى الطبيب النمساوي(Auguest eighrr) إن الطفل يبدأ حياته كائن غير اجتماعي همه إشباع حاجاته و رغباته
و غرائزه بأي شكل من الأشكال ، غير أن التنشئة الاجتماعية هي التي تنظم عملية
إشباع هذه الغرائز و توجهها الوجهة الصحيحة.
فالانحراف عند أتباع نظرية التحليل النفسي ينشأ
من خلال العقد النفسية التي تكونت عند الفرد أيام الطفولة ، بدءا بصدمة الميلاد ،
و عقدة أوديب ، و عقد النقص العضوي و التنشئة الغير سليمة ، و التي تؤدي إلى تضارب
الأجهزة الثلاثة (الهو، الأنا، الأنا العليا).
كما
أن المحدثين في نظرية التحليل النفسي مثل (
ادلر)
الذي تقوم نظريته على أسس هدفية قد سلم بأن العوامل النفسية تؤثر في السلوك الفردي
و أن هذا السلوك تمليه الأهداف المقصودة منه، و الشخصية السوية حسب وجهة نظر أتباع
مدرسة التحليل النفسي تنشأ بسبب تعاون الأجهزة الثلاثة ، و يؤدي هذا التعاون لإيجاد
شخصية متزنة نفسيا ، متكيفة متوافقة مع مجتمعها ، أما إختلافها نتيجة للتربية
الخاطئة و النمو الغير السليم فإنه يؤدي إلى حدوث صراع مرير بينها، و يتضح هذا
الصراع و يتركز بإحاطة الأنا أو الذات بثلاث قوى
إشباع الدوافع الغريزية وفق مبدأ اللذة دون الالتفات إلى الواقع ، ثم الذات
العليا و مطالبها بالمنع و التحريم ،و إتباع القيم الأخلاقية و الدينية ، الواقع
البيئي و الاجتماعي و القوانين التي تسود المجتمع ، و ما يتطلبه هذا الوضع من
ضرورة التقييد و الخضوع.
Comments
Post a Comment
تسعدني تعليكاتكم و ليتكم تطرحوا اسئلتكم و ماذا تردون ان انشر