أنواع القلق



أنواع القلق

قبل التطرق إلى مختلف تصنيفات القلق نتناول بعض المصطلحات المتداولة في التراث النفسي التحليلي بشكل عام.
قلق الخصاء :
يحس به الشخص في أعماقه على شكل خطر و تهديد من رموز السلطة الأبوية، و هو ينتج عن أسباب تربوية تؤدي بالإنسان إلى الشعور بالتهديد و القلق عندما يريد أن يثبت ذاته أو أثناء محاولته لحل مشكلة تعترضه.  و يقول الحفني (2003) نقلا عن فرويد أن الطفل عندما يخاف على قضيبه أن يقطع كما يهددونه بسبب مخالفة ارتكبها، أو عندما يتوهم أن من الممكن أن يلحقه ما لحق بالبنات فيفقد قضيبه مثلهن، عندئذ ينتابه قلق أساسي يستمر معه و ربما كان هذا هو السبب الذي يدفع البعض إلى تحسس قضيبه و دلكه في الحالات التي تصاحبها أعراض القلق. (الحفني، 2003، ص: 450)
قلق الإنفصال :
إن الحرمان و الآلام التي تعرض لها الشخص خلال مرحلة الاستقلال و الانفصال في نموه النفسي، تترك في النفس جروحا و حساسية خاصة لكل ما يذكر بالاستقلال و الانفصال حيث تنمو لدى هذا الشخص صفات الاعتمادية و أعراض الهلع المتكررة.
يعرف الحفني (2003) هذا القلق بأنه حالة تستبد بالطفل عند فطام الأم له أو منعه من ثديها، أو غياب الأم و تركها للطفل أو فصلها عنه لسبب أو لآخر. و من مظاهر هذه الحالة أن يبكي الطفل لفراق الأم، و يقول البعض أن بكاءه ظاهرة صحية و دليل على انفعالية سوية تتطور معه التطور الطبيعي. و قد يبكي لبعض الوقت ثم يسكت و ينتظر و يصبر و بداخله اكتئاب لا يزول إلا بحضورها، و بتكرر الانفصال يطبع الاكتئاب الطفل بطابعه و يكون من سمات شخصيته من بعد، بحيث لا يثق في أية علاقة حميمة بأنها يمكن أن تتم و يتوقع أن يقطعها الطرف الآخر. كما قد يتحول قلق الانفصال إلى مخاوف من المجهول، فيخشى المستقبل و يرهب الموت لأنه قمة الانفصال. و يظهر قلق الاتفصال لدى الطفل الرضيع بشكل أخص بين الشهر السادس و الشهر العاشر و يطلق عليه قلق الشهر الثامن. (الحفني، 2003، ص ص: 450-451)  يعاود هذا القلق الظهور في مناسبات أخرى مثل: سن الذهاب إلى المدرسة / عندما يغادر الإنسان منزله أو يسافر بعيدا عن أهله و علاقاته المهمة / عند التجنيد / العروس عند زفافها / فقدان صديق أو أحد أفراد العائلة / الانتقال إلى وظيفة جديدة / تغيير المسكن... و غيرها من المناسبات و المحطات المميزة في حياة الفرد.
قلق عقدة النقص :
يرى ألفرد أدلر أن القلق يرجع إلى عقدة النقص و مشاعر النقص عند الفرد، سواء مشاعر النقص الجسمي أو المعنوي أو الاجتماعي و إلى تهديد أسلوب حياته.
و قد قسم العلماء القلق إلى عدة أنواع من السوي إلى المرضي، و سوف نورد تصنيفات عديدة تختلف فيما بينها حسب الإطار النظري التي تستند إليه كل منها.
تصنيفات أخرى للقلق:
ذكر عويضة (1996) أن فرويد قسم القلق إلى 03 أنواع هي:
1.     القلق العصابي: يسمى كذلك عصاب القلق « Névrose d’angoisse » و هو قلق شديد، معالم الموضوع المثير فيه غير واضحة حيث يلقي الفرد اللوم على أكثر من مثير دون أن تكون الصلة واضحة أو واقعية بين حالة القلق و المثير. يمكن أن يأخذ هذا القلق العصابي شكل »  القلق الطافي «  و هو حالة عامة، كما يمكن أن يأخذ شكلا فوبيا (خوف مرضي)، كما يمكن أن يكون مرافقا لاضطراب نفسي آخر مثل الهستيريا.
2.     القلق الخلقي: هو تأنيب مستمر من الأنا الأعلى على أفعال بسيطة حدثت أو لم يعبر عنها بعد !، مما يولد إحساسا بالذنب.
3.     القلق الموضوعي: هو قلق ناتج من إدراك الفرد لخطر خارجي واقعي ينتظر الفرد وقوعه دون أن يكون واضحا قي ذهنه تفاصيل هذا الخطر، و لا كيفية التعامل معه. (عويضة، 1996، ص ص: 27-28).
أما حامد زهران (2005) فذكر أن القلق يصنف إلى 04 أنواع:
1.     القلق الموضوعي: هو قلق مصدره خارجي و موجود فعلا، و يطلق عليه أيضا اسم: القلق الواقعي، القلق السوي أو الصحيح، مثل ذلك: قلق متعلق بالنجاح في عمل، في امتحان، متعلق بالصحة أو إقدام على زواج أو وجود خطر قومي أو عالمي و غيرها.
و يضيف حامد زهران نقلا عن يوسف جنينة (1960) أن القلق الموضوعي له وظائف حيوية هامة فهو يزيد من قوة التركيز و التمييز و الاستنتاج و اتخاذ القرارات و حل المشكلات بسرعة، و ذلك من خلال تنشيط المراكز العصبية العليا.
2.     القلق العصابي أو حالة القلق: هو قلق داخلي المصدر، أسبابه غير معروفة و لا مبرر واضح له و هي لا شعورية (مكبوتة). كما يتميز بكونه غير متناسب مع الظروف الداعية إليه.
3.     القلق العام: هو قلق غامض، عام، و عائم، لا يرتبط بأي موضوع محدد.
4.     القلق الثانوي: هو القلق كعرض مصاحب لاضطرابات نفسية أخرى. (حامد زهران، 2005، ص ص: 485-489).
أما الحفني (2003) فقد ذكر أن الحصر هو القلق العصابي و هو قلق هائم يستشعره المحصور ولكنه لا يجد له سببا واضحا، و أسبابه لذلك غير شعورية. و استجابة الحصر منها:
1.     النوبة الحصرية الحادة: نوبات الحصر الحادة طارئة و تأتي فجأة، و قد تستمر من بضع دقائق إلى عدة ساعات، و تكون مصحوبة بأعراض فيزيولوجية و نفسية أشد وطأة من أعراض حالة الحصر المزمنة.
2.     الحالة الحصرية المزمنة: يعيش المحصور حالة من الترقب و الخوف لأكثر من أسابيع أو شهور أو حتى لسنوات، مع أن الأعراض النفسية و الجسمية تكون أقل شدة. و يمكن أن تتخلل حالة الحصر المزمن نوبات حصر حادة. (الحفني، 2003، ص ص: 145-146).
أما روبرت ليهي (2006) فقد ذكر فئتين تشخيصيتين أساسيتين مستندا على الدليل التشخيصي و الإحصائي الأمريكي للاضطرابات النفسية بدءا من النسخة الثالثة DSM III و إلى غاية النسخة الرابعة المعدلة DSM IV-TR، و هي كما يلي:
1.     إضطراب الهلع: ظهر هذا الاضطراب كفئة تشخيصية جديدة في الدليل DSM III في سنة 1980م، ثم في النسخة المعدلة DSM III-R قي سنة 1987م مع تعديل في محكات التشخيص: يجب حدوث 04 نوبات خلال 04 أسابيع و 04 أعراض من 13 عرضا، و أنتكون النوبات غير متوقعة و تحدث بشكل مفاجئ. ثم في DSM IV في 1994م تم تحديد خريطة نوبات الهلع و تفاصيل أخرى سنبينها في الجزء الخاص بتناول الدليل DSM IV-TR لاضطرابات القلق.
2.     إضطراب القلق العام: هو الحالة الحصرية المزمنة (TAG) و يعد هذا الاضطراب فئة تشخيصية جديدة نسبيا، حيث تم تقديمه بهذا المسمى لأول مرة عام 1980م في الدليل DSM III، و استخدم تشخيص اضطراب القلق العام ليضم داخله كفئة تشخيصية ظاهرة » القلق الحر الشديد التقلب و التغير « Free Floating Anxiety أو عصاب القلق. أما في الطبعتين الرابعة DSM IV (1994م) و الرابعة المعدلة DSM IV-TR لسنة 2000م فإن من التعديلات الأساسية هو أن الانزعاج هو أحد الملامح المرضية الأساسية لهذا الاضطراب، و بالتالي فإن غياب الانزعاج كعرض أساسي يضمن أن اضطراب القلق العام لا وجود له و لا يمكن تشخيصه، لكن مجرد وجود الشكوى من الانزعاج المزمن بل و التأكد من وجوده لا تعني تأكيد أو ضرورة أن يكون التشخيص هو القلق العام TAG ( قد نجد درجة عالية من الانزعاج كمظهر لدى مرضى الرهاب الاجتماعي).
 

Comments

Popular posts from this blog

مراحل تحليل الرائز TAT المنشور 02

المحتوى الكامن والمحتوى الظاهر للوحات الرورشاخ

اختبار تفهم الموضوع TAT المنشور 01

خرافة السحر

الاشاعة و سيكولوجية الجماهير

البنية النفسية حسب بارجوري

اختبار الرورشاخ 01

La Regression /النكوص