الذهانات غير التفككية المزمنة
الذهانات غير التفككية المزمنة
Les Délires Chroniques non Schizophréniques
تشكل الهذيانات المزمنة غير التفككية مجموعة من
الاضطرابات المنظمة ، تمس الشخصية والتي
تتميز بوجود الضلالات أو ما يسمى الهذاءات، وقد تصاحبها أو تحل محلها هلاوس
وتخيلات متنوعة ،تسبب اضطرابا في السلوك والعاطفة والتفكير،مع بقاء اتصال جيد مع
الواقع ،وحياة عائلية ومهنية شبه طبيعية وهذا ما يميز هذه المجموعة عن باقي
الاضطرابات الوجدانية و الفصام بأنواعه.
فهي تختلف عن
الفصام بغياب صور التفكك والتي من مظاهرها الأساسية، شلل في التفكير وغياب التناسق
و الترابط في الأفكار،مع الانفصال الشبه تام عن الواقع ،هذا من جهة ومن جهة أخرى ،رغم الإزمان إلا أن
الشخصية لا تميل إلى التدهور والتفكك بل تحافظ على وحدتها إلا في موضوع الهذيان أو
الهلاوس التي تسيطر على الفكر والسلوك عند ظهورها ،في ماعدا ذلك كل شيء يسير يشكل
عادي.
هذه الضلالات و الهلاوس لا تمثل مجرد خطأ في الحكم عن
الأشياء أوخطا في الإدراك وإنما هي منظومة تربط الفكر بالانفعال في صورة معاناة
،تستقر في ذهن المصاب وتصبح جزء من شخصيته
.
و الملاحظ أن المدارس اختلفت في تصنيف و تحديد هذه
الحالات ، إذ نجد المدرسة الانجلوساكسونية لم تولي لهذه الأخيرة الاهتمام وصنفتها
مع الفصام باعتبارها احد أنواعه ،في حين أن المدرسة الفرنسية ومن ورائها المدارس
الأوروبية ،تجتهد في دراستها و محاولة تصنيفها وتحليلها، فهي رغم تشابهها تختلف
كثيرا ، ومن هنا نشير إلى هذه الأنواع في بحثنا هذا .
الهذيانات الغير تفككية المزمنة ، وسبب هذه التسمية التي
أنشأتها المدرسة الفرنسية للطب العقلي ،فهي اضطرابات تظهر في شكل هذاءات و هلاوس وتخيلات ، لكنها تحافظ إلي حد ما على
وحدة الشخصية وعدم تفككها مع الاحتفاظ باتصال جيد مع الواقع وانسجام وتفاعل مقبول
مع الآخرين.
الهذيانات الغير تفككية المزمنة هي مصطلح يستعمل في الطب
العقلي للدلالة على وجود اضطراب ذهاني واضح لكنه رغم ذلك يكون على أساس شخصية
متماسكة، ومنتظمة ذهنيا وعلى اتصال لا بأس به بالواقع وهنا جاءت لفظة الغير تفككيه،
بحيث أن معنى التفكك يتضمن الانفصال عن الواقع ويحمل شخصية مفككة كليا، رغم ذلك لا
نلاحظ هذا على كلام وتفكير المصاب، وان
بدا منطقيا ومرتبا إلا انه يكون مبني في الأساس على فكرة خاطئة تسيطر على ذهنه أما المميزات العامة لهذه
الهذيانات فهي حسب جون لويس سونو:
1- غير تفككيه.
2- دائمة.
3- لا تتطور إلى الفصام إلا نادرا.
4- تظهر بشكل متأخر أي بعد 30 سنة.
نعرض للذهانات غير التفككية المزمنة حسب المدرسة الفرنسية
للطب العقليG.Fouldrin et autre2007
تعريف الهذيانات غير التفككية المزمنة:
أهم ما يميزها هو وجود الهذيانات كلمة هذيان أو délire هي كلمة مشتقة من
اللغة اللاتينية وdelirium والتي تعني الخروج من شيء ما أو مصطلح فقدان العقل،
استعملت لتصف خلل في اتصال الإنسان بالواقع المحيط به ،وهي غير تفككيه لان المصاب
لا يفقد تفاعله مع الناس، ويعيش حياته ويقوم بإعماله بشكل مستمر وعادي إلى حد ما،
لكن بوجود أفكار غريبة تسيطر على محاكمته العقلية ،ويستطيع إخفائها بسهولة إذا أحس
بالخطر، لذلك لا نجد المصابين بهذه الاضطرابات في المستشفيات إلا في الحالات التي
تتفاقم وتسوء أو بعد القيام بعمل خطير في بعض الأنواع، وهي تقوم على أفكار هذيانية
أي اضطراب في محتوى التفكير قائم على :
· معتقدات شخصية خاطئة
· أخطاء في الأحكام
· مقاومة كل محاولات التصحيح
بالإضافة إلى أنها غير مبررة في الواقع لا من حيث
الثقافة ولا الدين.
كيفية تشخيص هذه الاضطرابات:
يتم ذلك وفق ما يسمى بتحليل الهذيانات وفق مجموعة من
نقاط أهمها:
1- الميكانيزمات المستعملة:
وتعني طريقة إسقاط الهذيان على الواقع، من بينها مايلي:
وتعني طريقة إسقاط الهذيان على الواقع، من بينها مايلي:
الميكانيزمات
المستعملة
|
المحتوى
|
الموضوعات الولعية
|
البنية structure
|
تأويلي
|
الاضطهاد
|
الغيرة
|
منتظمة
|
تخيلي
|
العظمة
|
الغرام
|
غير منتظمة
|
حدسي
|
التأثير
|
المطالبة
|
|
هلوسي
|
توهم المرض
|
التطور: كيف يظهر مثلا بشكل حاد وعنيف أو مزمن.
3- الامتداد: يعني أن يمتد بإدماج تأويلات أو موضوعات جديدة بطريقة منطقية ويكون إما شبكي أو قطاع واحد.
4- الانخراط : كيف كان ؟أي مدى تصديقه واقتناعه بهذياناته.
5- التكيف: مدى قدرته على التكيف.
بالإضافة إلى طريقة الاستجابة الانفعالية
والسلوكية مثل العدوانية ، الإقدام على الفعل، أو غيرها .(Jean Louis
Senon1997)
1- أسباب الإصابة بالهذيانات المزمنة الغير تفككيه:
الأسباب الكامنة وراء الإصابة ليست معروفة على وجه
التحديد، لكن حاول البعض تحيد أسباب النشأة وفي ما يلي بعض هذه الآراء:
تتميز هذه الاضطرابات عن غيرها من الاضطرابات الأخرى بكونها لا تتطور من
الاضطرابات التفككية كالفصام أو الاضطرابات الوجدانية حلمي المليجي2000
ذكرت بعض الدراسات أن الشخصيات التي تتميز بالحساسية
الزائدة والخوف، وانعدام الأمن النفسي معرضة أكثر للإصابة بالمرض.بالإضافة
للشخصيات التي تتميز بالشك والريبة ،أو ما يسمى الشخصيات الهذائية .
أما التحليل النفسي فيرى أن الكبت والصراع النفسي الذي
يعانيه الشخص بين رغباته وأهدافه من جهة ،وبين الأنا الأعلى من جهة أخرى له دور
كبير في الإصابة.
وذكر فرويد أن البرانويا هو وليد رغبات وميول جنسية
مثلية مكبوتة، يحاول إخفاءها بالإنكار والإسقاط.
أما دراسات أخرى فأرجعت أسباب الإصابة إلى وجود مواقف
تزيد من عدم الثقة والشك،ومواقف الغيرة والحسد بالإضافة إلى قلة احترام الذات و
التقصير اتجاه الآخرين ،هذه المواقف تؤدي إلى الشعور بالإحباط الذي لا يمكن احتماله فيصبح الشخص في حالة قلق
دائم وانسحاب ،ويفسر هذه المواقف على هواه فتنشا الهذيانات .
وبصفة عامة يرى (أديب خالدي 2006) أسباب هذه الاضطرابات
غير واضحة، فالأبحاث لم تستطيع تأكيد الوراثة أو الإصابة العضوية لكنها تميل في
الغالب إلى وجود شخصية حساسة وخائفة ومتوجسة وشكاكة بسبب ظروف عائلية اجتماعية
عاشتها في الطفولة خاصة الأسرة التي يسودها المشاحنات والاضطرابات الانفعالية
والاجتماعية. وارجع (حلمي
المليجي،2000) الاضطراب إلى أسباب اجتماعية أسرية
،فالأسرة في هذه الحالة تتميز بالانعزالية والقيم الخاصة،والشك في العلاقات
بالإضافة إلى المعاملة القاسية ،والشعور العام بعدم الأمان ،مما يجعل الشخصية
مهيأة لبناء منظومة هذائية مثالية،بان العالم مكان خطير يجب التوجس منه.
وكذلك قد تتصف هذه الأسرة بالتسلط و القهرية والانعزالية بالإضافة إلى شك والشعور
بعدم الأمان.
لكنهم يؤكدون على وجود عوامل مفجرة هامة كالانفصال،
كالطلاق، التقاعد، الحداد، سن اليأس وبعض الحوادث.
المراجع :
1. الخالدي اديب محمد (2006)،مرجع في علم النفس الإكلينيكي(الفحص والعلاج)،دار
وائل للنشر والتوزيع ،الطبعة 01، لبنان.
2. المليجي حلمي (2000)،علم النفس الإكلينيكي،دار النهضة
العربية،الطبعة01، بيروت.
3.
Jean Louis Senon,(1994), Maladies
Mentales de l’adulte ,Presses Universitaires de France,7eméd, Paris.
4.
G.Fouldrin , R.Gourevitch ,
F.Bayle , F.Thibait ,(2007), Les Délires Chroniques non Schizophreniqus ,cour
de Psychiatrie du (CNUP),Collège National
des Universitaires en Psychiatrie, Deuxième partie, Paris.
شكرا جزيلا استاذ معلومات وافية وملخصة روووعة💙
ReplyDelete