مسلسل اولاد الحلال

" أولاد الحلال "

تدور أحداث مسلسل" أولاد الحلال " ، في حي الدرب الفقير في مدينة وهران المعروفة بعاصمة الغرب الجزائريّ أو"باريس الصغيرة". ويتناول العمل قصّة أخوين يتيمين مرزاق و زينو، نشآ معاً في دار أيتام، بعد أن قتل أبوهما أمَّهما، فأتيا إلى حي الدرب بحثاً عن أختهما، التي يعتقدان أنها تعيش في الحي الذي تعود إليه أصولهما، فيتحوّلان عند السّكان إلى رمزٍ للشجاعة ، رغم كونهما يمارسان السطو، وغارقان في السكر، والصفقات المشبوهة مثل الآخرين.  وبين هود في شكل جديد.

الدراما تيارين المادي و المثالي ، و الواقعية هي المنحى مادي الذي يعتمد على الإنكار ،التمثل و التماهي. بمعنى انه ينكر الواقع ثم بتمثله و أخيرا يتقمصه فتنتج عن هذه التوليفة الفرجة الممتعة . التي تجعلك تضحك و تبكي بغضب.

فالدراما أو بالأحرى الفرجة ليست رسالة بل هي محاكاة للواقع برؤية المخرج الذاتية التي  يسقط من خلالها  أفكاره ، ميوله و أحاسيسه . و تطابق رؤية المخرج و الأداء التمثيلي لشخصيات مسلسل " أولاد الحلال " هو عودة المكبوت بمختلف أشكاله السيكولوجية و الاجتماعية .حيث أصبحت الصورة هي الدال و اللاوعي هو المدلول. إذن فحالت النقد و التماهي  التي تحدث عند المتلقي تفرز جو من التفريغ الانفعالي  أحيانا و جو أخر من التماهي .في حين أخر ينتهي بالإسقاط .

فالمسلسل في جل سياقاته الدرامية ي المتواصلة ّيرجعنا إلى المجتمعات البدائية حين كانت المرأة في قمة هرم المجتمع اميسي. المرأة في هذا المسلسل ليست اكسيسوار بل هي محرك درامي فعّال سواء في المستوى السفلي او في مستوى العلوي حتى تصل ذروة الأحداث إلى الانتحار الاستعراضي . بسبب الانوميا و اختلال المعايير الاجتماعية.. والاضطراب الواضح في منظومة القيم.

من الناحية الدرامية فهو يمثل ازدواجية المجتمع  المتناقض في انسجام، الصراع الدائم بين الخير و الشر ، أما من الناحية النفسية فهو يمثل الشخصية المصابة بالانفصام او ما يطلق عليه EGO ALTER او اضطراب تفكك الهوية.

التناول الدرامي المنتهج في " مسلسل أولاد الحلال" ركز على إظهار العشوائيات كبطل و فند نظرية هيمنة المدينة على الحي العشوائي فاللامعيارية التي حولت البلطجي إلى بطل ينتظر منه سكان الدرب الخلاص دون اللجوء الى الشرطة ،إنها الدراما التي حولت الواقع إلى فرجة ممتعة و مقلقة التي يحاول فيها المشاهد تقمص دور البطل المكتوب على الورق و المسوق على الشاشة و المفقود على ارض الواقع.

لقد احدث المسلسل من أول وهلة في نفسية المتفرج حالة عدم الاستقرار الوجداني  أو في حالة  اضطراب و قلق النـاجمة عن انهيار المعايير والقيم الاجتماعية، و الافتقـار إلى الأهداف والمثل العليا. وقع فريسة الانفصال بين الأهداف الاجتماعية والوسائل الصحيحة لتحقيق هذه الأهداف. والتناقض الفاضح بين أيديولوجيات وبين ما يجري على أرض الواقع. حتى ينتاب المتفرج شعور بالاغتراب النفسي وعبثية الانهيار الأخلاقي فيقع الفرد في العزلة والانحراف.

فترى تناقض الصارخ داخل  الأسرة فتجدها محافظة محبة للخير وابنها تاجر مخدرات و لا يتأخر في مساعدة فقراء الحي و في نفس الوقت يبيع لأبنائهم المخدرات في جو من التناقضات بحيث تستشف انفصام مستتر غير ظاهر .

فواقعية مسلسل " أولاد الحلال" كشفت زيف مثالية المجتمع، و بالتالي غرقنا في الإنكار حتى نستطع التخلص من التوتر.