ميكاننيزمات الدفاع 01
ميكاننيزمات الدفاع 01
تحتل الميكاننيزمات الدفاعية النفسية مكانة هامة في نظرية
التحليل النفسي، بوصفها جزءاً من الدفاع التي يمتلكها الأنا في تعامله مع الواقع
الداخلي و الخارجي، ومحاولته الدائمة للتوفيق بين متطلبات الواقع الخارجي
واندفاعات الهو و نواهي الأنا الأعلى.
فعندما يعجز الأنا
عن التوفيق بين الواقع الخارجي واندفاعات الهو ونواهي الأنا الأعلى ينشأ الصراع.
وعندما يفشل الأنا في حل الصراع تتحول الطاقة النفسية المتضاربة للصراع إلى القلق
اللاشعوري الغامض، الذي يشكل تهديداً للأنا أو للشخصية.
ومن أجل صد هذا القلق الغامض والتغلب عليه يقوم الأنا بحشد
وسائل الدفاع النفسي التي تخفف من حدة القلق. وعندما ينهار الأنا تحت وطأة ضغط
الواقع الخارجي واندفاعات الهو ونواهي الأنا الأعلى الذي يشكل الرقيب يحدث المرض
أو الاضطراب النفسي، حيث يصبح الدفاع غير الناضج أو العصابي أو الذهاني هو الشكل
الغالب.
ويعد فهم الدفاع النفسي وشكله والتعامل معه جزءاً مهماً في
عملية التحليل النفسي، وفي فهم العلاقة العلاجية التي تسود بين المعالج و المتعالج.
وعندما يفهم المريض الدوافع اللاشعورية الكامنة خلف سلوكه وبالتالي شكل الدفاع
المستخدم ووظيفته يصبح أكثر قدرة على التعامل مع الواقع ويقلل من تأثير الدفاع غير
السليم وإحلال أشكال أكثر نضجاً من ميكاننيزمات الدفاعية.
ميكاننيزم الدفاعي هو آلية
سيكولوجية لا شعورية، يستخدمها الفرد لإضعاف الحصر (القلق) الناجم عن نزاعات
داخلية بين المقتضيات الغريزية والقوانين الأخلاقية والاجتماعية، وهو مفهوم تحليلي
نفسي يستخدم في وصف البنى النفسية الثابتة نسبياً والارتكازات الدفاعية المنفردة
اللاشعورية التي يحاول الأنا بمساعدتها حماية نفسه من الصراعات النفسية التي يمكن
أن تنشأ عن التباعد بين رغبات الهُو ومطالب الأنا الأعلى أو حتى من مطالب الأنا
نفسه، وهي جزء من المنظومة النفسية التي تهدف إلى تحديد طاقة الدوافع لمهددة
والمثيرة للقلق وتلعب دوراً في توازن الشخصية، غير أنها يمكن أن تتحول إلى آليات
مرضيات ومعيقة إذا أصبحت هي الشكل الغالب من الدفاع.
وفق نظرية التحليل النفسي تستخدم آليات الدفاع النفسي في
النمو النفسي السوي إلا أنها تؤدي عند الاستخدام المكثف والطويل الأمد، إلى
الاضطرابات النفسية، وخاصة عندما تصبح هي ميكاننيزمات النفسية الوحيدة المستخدمة
في حل الصراعات النفسية ومواجهتها. إنها عبارة عن أنماط خاصة من السلوك، يتم فيها
تحويل إثارات الدافع التي لا تسمح لها الرقابة النفسية بالظهور إلى شكل آخر من
الطاقة لنفسية التي لا تلحق الأذى الكبير بالشخصية ولا تتناقض مع متطلبات الواقع
الخارجي. المحرك الذي يثير حشد آليات الدفاع هو دافع الخوف خاصة، أي عندما يرى
الأنا الدافع مهدداً له. ويتجه الدفاع النفسي ضد مثيرات داخلية، أي ضد الدوافع ،
أو بشكل انتقائي ضد مثير مرتبط بتصور ما ذكريات و هوامات ،
أو ضد موقف محدد يقود إلى إثارة هذا المثير إذا لم يكن متوافقاً مع التوازن النفسي
الداخلي، ويهدد مشاعر الأنا.
تعد آليات الدفاع الأولية جزءاً من السلوك الدفاعي النفسي
الذي يضم أشكالاً متنوعة من السلوك، مثل سلوك التراجع والانسحاب وسلوك العدوان
والعدوان المضاد وسلوكيات الدفاع الأخرى التي تشترك جميعها بأنها تهدف إلى صد
الأخطار الحقيقية أو المتوقعة وذات المصدر الداخلي أو الخارجي، حيث يمكن تشبيه
وظيفتها بوظيفة جهاز المناعة الجسدي الذي يهدف للدفاع عن الجسد ضد الجراثيم
والفيروسات. وترى مدرسة التحليل النفسي أن الكثير من الاضطرابات النفسية والنفسية
الجسدية عبارة عن نتائج الدفاع النفسي الفاشل تجاه محتويات غير مرغوبة ومهددة
للأنا أو للشخصية.
ويمكن عدّ آليات الدفاع الأولية خط الدفاع الأخير الذي يحشد
أو يجند من أجل التغلب على كل بواعث الدفاع غير المرضية أو المرغوبة والمسببة
للصراع والقلق.
كان فرويد أول من تحدث عن آليات الدفاع الأولية، وخاصة
الكبت. ورأى في آليات الدفاع النفسي محاولة مرضية و عصابية للتعامل مع الواقع،
ونوعاً من الحل النفسي الاضطراري لتجنب الصراعات بين الدوافع الداخلية المتناقضة
وأكد على الجانب المشوِّه والمحرِّف لواقع هذه ميكاننيزمات، ورأى أن شكل الدفاع
اللاحق يتحدد في السنوات الخمس الأولى من الحياة. أما ابنته آنا فرويد Anna Freud فقد
كانت أول من عمّق ووسع مفهوم آليات الدفاع وقامت بالتمييز بينها وشرحها، وصنفت
عشرة أشكال من آليات الدفاع النفسي، وأضافت إليها ميلاني كلاين Melane Klein ست
آليات هي انقسام الموضوع والتماهي
الإسقاطي
و إنكار الواقع النفسي والامتلاك أو السيطرة المطلقة على الموضوع.
Comments
Post a Comment
تسعدني تعليكاتكم و ليتكم تطرحوا اسئلتكم و ماذا تردون ان انشر