الشرير و الطيب





الشرير و الطيب

أعتقد أن الشر متواجد بنسب متفاوتة عند البشر و الذي يجعله خفيفا أو مُركزا لدى البعض خبرات الإنسان التي يمربها عبر مسار حياته،التي تجعل درجة و مستوى الشر يتغير في كل محطة حياتية.
فالتحليليون يقولون بحتمية الشر في كينونة الإنسان بسبب ذالك الذئب البشري القابع و راء الغرائز المدمرة المكبوتة في غياهب اللاشعور السحيقة.
 الانسانيون يقولون بخيرية الانسان المجبول عليها يعني انه خير بطبعة و الشر ما هو الا عارض لاضطراب معين تجمعت حوله عدة عوامل الذاتية منها و الاجتماعية.
السلوكيون يقرون بان الشر متعلم و مكتسب و الانسان مجرد  مثير و استجابة و البئية يعني المثيرات هي التي تقولبه يا بالشر اذا كان في بيئة منحطة و بالخير اذا كانت المثيرات البيئة امنة و خيرية .
اما علماء الاجرام فذهب والى التعددية العوامل و ارتباطيتها مع بعض فتَجمُع المتغيرات بكل انواعها تعطي المنحى الشرير للفرد بغض النظر عن انتهؤه الاجتماعي او الطبقي.
اما اللاهتيون من كل الأديان يقولون " و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها ،قد افلح من زكاها و قد خاب من دساها" و ما الشر الا تجليات و وساوس للشيطان الرجيم.
فالتيار البيلوجي هو يقر بالحتمية البيولوجية التي تعتمد على ان الشر مبرمج على الحمض النووي عند البشر و لما تتكرر العوامل الحياتية و الغذائية تنبعث الجينات المسؤولة عنه من جديد و يعتمدون في ذلك على ما يحدث في التطهير العرقي في المجتماعات المغلقة و على بعض الحالات التي تتكررمن حين الى الاخر كلمت الجماعي و التصفية الجماعية و جرائم قتل الاب او الاخ او الابن.
السيكاتريون ينظرون الى تفاقم الشر على اساس اختلال في النواقل العصبية و الهرمونات على مستوى المشابك العصبية و الغدد ،كما يظهر ايضا كنتيجة  الاضطربات و كدمات تطال الفص الجبهي من الدماغ 
في نظري أن كل طفل يتربى و ينمو وفق مجموعة من المعايير والطباع والتي غالبا ما تكون وراثية بيلوجيا و اجتماعيا،و الإنسان بطبعه كائن غريزي عقلي فهو مزود بغريزي الحياة و غريزة الموت .
من الناحية النفسية يعكس لنا مفهوم  الشر صورة ذلك الأنا الذي طالما وقف عاجز أمام ظلم  المجتمع متجرعا مرارته  ومعاناته من التهميش الذي تعرض له بالإضافة إلى الاحتقار.
كما يعكس لنا صورة ذالك الهو الذي لم يتعرف على الاحباط او عملية ضبط خارجي فهو كالملك كل يسمع يطيع و لم يستدخل القيم الحياتية الطيبة.
كما يعكس لنا صورة الانا الاعلا العاجز امام مغريات حياة البذخ و الانحلال و الانوميا و نمط العيش الفوضوي.
الشر يأخذنا إلى مناطق سوداء لا ندركها في أعماقنا ياخذنا إلى ما هو مكبوت من دوافع غريزية مدمرة حتى نرى خيال إنسان الذئب بكل تشوهاته، مستبدلا العواء بالإعراض .
اذا كنتم من محبي الافلام المصرية القديمة ارشدكم لمشاهدة فيلم "الوحش" يعرض لنا الفيلم كرونولوجيا تحول زكي الطيب الموظف البسيط الذي يعمل كقاطع التذاكر بإحدى شركات نقل المسافرين الى مجرم رغما عنه.
 بالصدفة هو شبيه لمجرم خطير  جاري البحث عنه ،فيلقى عليه القبض على ذمة التحقيق ، فتلعب الجرائد و القنوات التلفزية لعبة التشويه المعتادة فيضبح زكي الطيب في نظر جيرانه و زملاء العمل المجرم الخطير يعني الوحش الشرير .
تلعب العوامل الاجتماعية و النفسية و البيولوجية على تحويل ذلك الإنسان الطيب الى وحش قاتل.
 يلخص لنا صناع الفيلم نظرية الشر المطلق و الشر النسبي و كيف تلعب المتغيرات على صعود الشر إلى مستوى الوعي. فيجد زكي الطيب نفسه بين عشية و ضحاها قد تحول من الطيب الى الشرير  دون سابق إنذار .




Comments

Popular posts from this blog

مراحل تحليل الرائز TAT المنشور 02

اختبار تفهم الموضوع TAT المنشور 01

اختبار الرورشاخ 01

الاشاعة و سيكولوجية الجماهير

البنية النفسية حسب بارجوري

بطاقة قراءة كتاب " تاريخ علم النفس و مدارسه "

عادل إمام و بلاجيا الأفلام الأجنبية

تفسير الجريمة عند (أنريكو فيري)

ملخص العلاجات النفسية المنشور 05

التفسير الاجتماعي للجريمة و الانحراف