نظرية التعلم المعرفي لجان بياجيه الجزء الأخير
نظرية التعلم المعرفي لجان بياجيه
الجزء الأخير
رابعاً
مرحلة التفكير المجرد
:
وتغطي هذه المرحلة الفترة العمرية التي تزيد عن 12 سنة إلى بداية المراهقة
، ويظهر في هذه المرحلة الاستدلال
المجرد
والرمزي ، وفي هذه المرحلة يستطيع معظم الأطفال وضع الفرضيات واختبارها ، ويستطيع كذلك أن يتعامل مع المشكلات ويطور إستراتيجيات لحلها ، ويفكر المراهق في هذه المرحلة على نحو مجرد ، ويصل إلى النتائج المنطقية دون الرجوع إلى الأشياء المادية أو الخبرات المباشرة ، هذا وتعتبر قدرة المراهقين على ممارسة العمليات المجردة ، والتفكير في الإمكانات المستقبلية والتنبؤ بها من ابرز خصائص هذه المرحلة ويستمر استخدام هذا التفكير (التفكير المجرد)
مدى العمر وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
1 يدرك الفرد أن الطرق والوسائل في المرحلة السابقة غير كافية لحل مشاكله فيقل اعتماده عليها بمعالجة الأشياء المادية.
2 تتوازن عمليتا التمثيل والمواءمة ويصل الفرد إلى درجة عالية من التوازن.
3 وجود التفكير الاستدلالي الفرضي محك رئيسي للدلالة على الوصول إلى التفكير المجرد.
4 تطور القدرة على تخيل الاحتمالات قبل تقديم الحلول العملية لهذا الموقف.
5 يفكر فيما وراء الحاضر، ويركز على العلاقات أكثر من المحتوى، ويقل اعتماده على الحقائق والأشياء المادية.
6 القدرة على وضع الفرضيات وفحصها وملاحظة النتائج ووصفها بإشكال منطقية.
7 القدرة على التعامل مع الأشياء عن طريق العمليات المنطقية التركيبية، فهو قادر على تثبيت كل العوامل وتغيير أحدها لفحصه، وقادر على فهم التناسب وإدراك الأمور الهندسية.
8 الانتقال من التمركز حول الذات، إلى التفكير في العلاقات الاجتماعية المتبادلة، وهو يدرك الأشياء من حيث علاقتها بنظام قيم الإنسان.
7
التعلم و خصائصه من منظور البنائية المعرفي لبياجيه :
يشير ويتلي
1991Wheatley, إلى إن التوجه في حدوث التعلم المعرفي ، وكيفية اكتساب المعرفة من وجهة نظر بياجيه ، كان له تأثير كبير على آراء البنائيين في عملية التعلم، وانعكس ذلك على مفهومهم للتعلم. حيث يتفق كثير من منظري البنائية إلى أن التعلم هو عملية يقوم المتعلم بواسطتها بالتكيف مع عالمه التجريبي، حيث يعدِّل معرفته استجابة للتناقضات التي تنشأ من تفاعله مع عالم الخبرة .
ويمكن تلخيص تعريف النظرية البنائية للتعلم بأنه يعني التكيفات الناتجة في المنظومات المعرفية
الوظيفية
للفرد، والتي تحدث لمعادلة التناقضات الناشئة من تفاعله مع معطيات العالم او هو عملية عقلية نشطة ومعقدة ﺗﻬدف إلى تفسير المثيرات وليس مجرد استجابة لمثيرات معينة ويضع البنائيون مجموعة من الافتراضات للتعلم المعرفي نلخصّها فيما يلي:
أو لا: التعلم عملية بنائية نشطة ومستمرة وغرضية التوجه:
ويتضمن هذا الافتراض المضامين الآتية:
1- التعلم عملية بنائية:
وهذا يعني أن التعلم عبارة عن عملية إبداع مستمرة يقوم ﺑﻬا المتعلم لتراكيب
معرفية
جديدة تنظم وتفسر خبراته مع معطيات العالم المحسوس ، فالمتعلم يعيد تنظيم ما يمر به من خبرات لكي يسعى لفهم أوسع وأشمل من الفهم الذي توحي به الخبرات المحددة. ويؤكد البنائيون على التعلم القائم على الفهم أو التعلم ذي المعنى.
2- التعلم عملية نشطة:
يعني ذلك أن المتعلم يبذل جهدًا عقليًا للوصول لاكتشاف المعرفة بنفسه ، فعندما يواجه مشكلة يقترح فروض معينة لحلها، ويحاول أن يختبر الفروض، حتى يصل إلى نتيجة معينة .
3- التعلم عملية غرضية التوجه:
فالتعلم من وجهة نظر البنائية تعّلم غرضي يسعى المتعلم من خلاله إلى تحقيق
أغراض
معينة تسهم في حل مشكلة ما أو تجيب على أسئلة لديه أو ترضي نزعة ذاتية لديه نحو تعلم موضوع معين، حيث توجّه الأغراض أنشطة المتعلم وتجعله مثابرًا في تحقيق أهدافه. وهذا المبدأ يؤكد على أهمية تحديد أغراض التعلم من واقع حياة المتعلم واهتماماته واحتياجاته.
ثانيًا تتهيأ للتعلم أفضل الظروف عندما يواجه المتعلم مشكلة أو مهمة حقيقية
:
يؤكد البنائيون على أهمية أن تكون مهام التعلم ومشكلاته حقيقية ، أي ذات علاقة بخبرات المتعلم الحياتية، فالتعلم القائم على أسلوب حل المشكلات يساعد المتعلمين على بناء معنى لما يتعلمونه وينمي الثقة لديهم في قدراﺗﻬم على حل المشكلات، وبذلك يحس المتعلمين بمعنى لما يتعلمونه لعلاقته الوثيقة بحياﺗﻬم.
ثالثًا تتضمن عملية التعلم إعادة بناء المتعلم لمعرفته من خلال عملية تفاوض اجتماعي:
يرى بعض البنائيين بأن المتعلم لا يبني معرفته عن معطيات العالم التجريبي المحسوس
من خلال أنشطته الذاتية فقط، والتي يكوّن من خلالها معان خاصة في عقله، وإنما قد يتم أيضًا من خلال مناقشة ما وصل إليه من معانٍ مع الآخرين ، وذلك من خلال التفاوض والنقاش بينه وبينهم. وبذلك تتعدل هذه المعاني لدى المتعلم .
وهذا الافتراض يقودنا إلى تصور معين حول بيئة التعلم في الفصول الدراسية بحيث
يسمح للمتعلمين بتبادل المعاني فيما بينهم، ويكون دور المعلم ميسّرًا لهذا العمل حيث يشجع
المتعلمين
على أن يطرح كل منهم أفكاره حتى يصلوا إلى معنى مشترك فيما بينهم.
رابعًا المعرفة القبلية للمتعلم شرط أساسي لبناء التعلم ذي المعنى:
يرى البنائيون كغيرهم بأن معرفة المتعلم القبلية شرط أساسي لبناء المعنى، حيث إن
التفاعل
بين المعرفة الجديدة والمعرفة القبلية يعتبر أهم مكونات التعلم ذي المعنى، وقد تكون المعرفة القبلية جسرًا موصلا للمعرفة الجديدة، أو عائقًا نحو الوصول إليها.
خامسًا ﺗﻬدف عملية التعلم إلى إحداث تكيفات تتواءم مع الضغوط المعرفية الممارسة على خبرة
المتعلم:
ويقصد بالضغوط المعرفية عناصر الخبرة التي يمر ﺑﻬا المتعلم ولا تتوافق مع توقعاته وبذلك
تمنعه
من تحصيل النتائج كما يريدها. فعندما يتعرض المتعلم إلى ضغوط معرفية فه و يقوم بالتكيف معها عن طريق إحداث تغيرات في التراكيب المعرفية حيث يطوّرها أو يوسعها أو يبدلها لتتواءم مع هذه الضغوط أو يهمل تلك التراكيب إذا لم تعد صالحة.
8
التطبيقات التربوية لنظرية بياجيه:
تعتبر نظرية بياجيه في النمو المعرفي ، ذات أهمية كبرى في العملية التعليمية ، وفيما يلي ابرز التضمينات التربوية لهذه النظرية .
1 لابد من تشخيص متطلبات تعليم أي موضوع، والتأكد من تحقيقها لدى الطلاب قبل المباشرة في تعلم الموضوع نفسه.
2 هناك ضرورة ملحة، لتنظيم المادة الدراسية، سواء في المناهج أو في الكتاب المدرسي، تنظيماً منطقياً، وذلك
حرصاً
على أن تكون المادة التعليمية متراكمة ومتدرجة بطريقة هرمية.
3 ركزت النظرية على أهمية الانتباه للفروق الفردية بين طلبة الصف الواحد، وهذا يتطلب من المعلم، أن يبدأ في تعليمه من حيث هو، وبما لديه من مقدرات واتجاهات وأسلوب وطريقة في التعلم.
4 الاهتمام بتنمية قدرات الطلاب على التفكير في أثناء تنظيم تعلمهم للحقائق والمفاهيم و
القواعد،
وتجنب الحفظ الآلي غير الواعي.
5 ركزت النظرية كذلك على أهمية التدريب على المهارة بعد تعلمها بطريقة تنمي التفكير، وذلك باستخدامها في معالجة
مواقف
جديدة.
6 توفير التقويم المرحلي المتنامي داخل النسق الواحد، وضمن سلسلة الهرم، وذلك كي يتأكد المعلم من تعلم الطالب
لأنماط
التعلم الدنيا قبل الانتقال إلى تنظيم نشاطات تعليمية للمقدرات العليا.
9 مقارنة بين النظريتين السلوكية والبنائية
:
تبرز بعض أوجه الاختلاف بين النظريتين السلوكية والبنائية، كما يأتي:
1- التعلم لدى السلوكيين هو تغير في السلوك ناتج عن التدريب المعزز، ويتم من خلال
ارتباط
بين المثير والاستجابة. أما البنائيون فيرون أن التعلم عملية عقلية نشطة ومعقدة ﺗﻬدف إلى تفسير المثيرات وليس مجرد استجابة لمثيرات معينة.
2- يرى السلوكيون بأن المتعلم مجرد مستجيب للمثيرات أو معالج للمعلومات، فمتغيرات
بيئة التعلم هي التي تحدد نتائج التعلم، فالمتعلم ليس مسئولا عن تعلمه بدرجة كبيرة
ولكن المعلمون هم الذين يصممون له البيئة المناسبة للتعلم ويهيئوﻧﻬا له. أما البنائيون
فيرون
أن المتعلم كائن نشط يسعى لبناء معرفته، وأن بيئة التعلم لا تتجاوز كوﻧﻬا أحد محددات التعلم، فالمتعلم لا يحتاج دائمًا إلى معملين ينظمون له كل ما في بيئة التعلم.
3- يمكن رؤية المعرفة لدى السلوكيين على أﻧﻬا تجمع لروابط المثير والاستجابة، وعملية
اكتساﺑﻬا
تتم من خلال هذه الروابط في ظل وجود معززات بيئية. في حين يرى البنائيون بأن المعرفة تمثل نشاط المتعلم لاستكشاف إمكانيات البيئة، وأن عملية اكتساﺑﻬا تتم غالبًا بواسطة عملية موازنة يقوم ﺑﻬا المتعلم للمعارف الجديدة.
4- يرى السلوكيون أن التعلم قد يصل إلى أقصى نتائجه إذا كان فرديًا. أما البنائيون فيرون
أن التعلم يصل إلى أقصى نتائجه عندما يبحث المتعلم بنفسه ويجري مفاوضات مع
الآخرين.
5- ينحو التعلم المعرفي عند السلوكيين نحو تعلم الوحدات المعرفية الصغيرة كل على حدة
بصورة
تراكمية متتابعة. أما التعلم لدى البنائيين فهو تعلم ينحو نحو تعلم وحدات معرفية كبيرة.
Comments
Post a Comment
تسعدني تعليكاتكم و ليتكم تطرحوا اسئلتكم و ماذا تردون ان انشر