نظرية التعلم المعرفي لجان بياجيه 2

نظرية التعلم المعرفي لجان بياجيه 2

يبدو الطفل عند الميلاد كائنا حيا ضعيفا لا يملك من أمر نفسه شيئا ..ومع ذلك فإن هذا الكائن الصغير يمتلك استعدادات هائلة تؤهله فيما بعد لكي يدرك ويتكلم ويقرأ ويتعلم ويحاكي ويتألق في إعادة تشكيل عالمه الذي يعيش فيه.
فالطفل يولد وهو مزود بنظام محكم وبناء دقيق له خصائصه ووظائفه المحددة من قبل ، وعبر مرحلة العمر الطويلة يعمل هذا النظام على تشكيل وتطوير وتعديل هذه الاستعدادات بما يتفق ونوع البيئة التي يعيش فيها .
ولد بياجيه في نيوكاستل بسويسرا عام 1896م  كان نبيها منذ الصغر و ظهرت عبقريته مبكرا حيث كتب مقالته الاولى  وعمره (13) عام , وحصل على شهادة الدكتوراه في علم الأحياء وعمره (22) عام توفي في اواخر شهر سبتمبر من عام 1980 تاركا كما هائلا من المؤلفات القيمة نذكر منها : "أصل الذكاء عند الأطفال"، "اللعب والأحلام والتقليد عند الأطفال"، "صياغة الأطفال للواقع".......


1 الأساس الفلسفي لنظرية بياجيه:
 تأثر بكتابات الفيلسوف الألماني (إيمانيول كانت)  الذي كان يرى أفكار لوك وهيوم غير كاملة فهو يرى أن الإنسان لا يمكن أن يكتسب المعرفة دون استخدام حواسه ولكن لا يمكن أن تكون هي الوحدة المسئولة عن تنسيق المعلومات داخل العقل بل أن الإنسان لديه قدرات معينة تعطي معنى ونظاماً لما يستقبله من مثيرات. فالعقل البشري لا يقبل مجرد تسجيل معلومات بعيدة عن الترابط مثلما يمكن أن يحدث على صفحة بيضاء سالبة بل يصر على إعطاء العالم المحيط به صورة من الترابط أو أن لديه القدرة على القيام بذلك وعندما بدأ بياجيه دراساته الاستطلاعية كانت تلك هي فلسفته الأساسية، فلقد نظر إلى العالم من منظور (كانت) فيرى أن عقل الإنسان لا يمكن أن يكون مجرد صفحة بيضاء، وإنما قدرة نشطة يخضع ما تستقبله إلى التنظيم وأن هناك قدرات فطرية تتمثل في الأفكار الأساسية العامة التي لا نتعلمها وهذه الأفكار تختص بالمكان والزمان والسببية وديمومة الأشياء وما إلى ذلك. واهتم بدراسة أصول هذه الأفكار الذي أدرجت تحت اسم علم المعرفة التكويني.


2 الأساس البيولوجي عند بياجيه:
أن الأسئلة التي تخطر ببال الإنسان عندما يحاول دراسة أشياء جديدة عليه تتلون بالاتجاهات والمعلومات التي تكون الخلفية الثقافية عنده. ولأن دراسة بياجيه السابقة كانت في العلوم الطبيعية فإنه عندما بدأ دراسة الأطفال تواردت في ذهنه الأسئلة التي كانت تخطر على باله في دراسة الأحياء. ومن ثم بدأ بياجيه بالسؤالين التاليين عند بحثه في النمو الإنساني، فكان السؤال الأول مختص بالتكيف وميكانزماته. والسؤال الثاني محاولة للتوصل إلى طريقة لتصنيف أو تنظيم مراحل التكيف المتطورة عند الأطفال، أي أنه قام بتطبيق النشؤ الارتقائي للأنواع على التطور أو النمو عند الفرد وأن التغير الذي يحدث للعقل البشري يمكن أن يقارن بما يحدث من تغير للبيضة التي تتحول إلى يرقه، ثم إلى فراشه وكل مرحلة تختلف عن سابقتها ليس في الدرجة وإنما نوعياً أيضاً.

3 المسلمات التي تقوم عليها نظرية بياجيه في النمو المعرفي:
·  القدرة على القيام بعمليات تحويل المعلومات التي تستقبل من البيئة وبتغيير هذه العمليات بتغير السن، ويطلق عليها
بياجيه مصطلح البنى أو الخطط العقلية لمعالجة المعلومات.
·          يحدث التطور أو النمو المعرفي من خلال الانتقال من مرحلة إلى مرحلة جديدة.
·        التطور المعرفي هو علاقة بين الخبرة والنضج.

4 المفاهيم نظرية بياجيه:
-         العمليات : هي التغييرات التي يحدثها العقل على الأشياء التي كون لها صوراَ عقلية.مثل ترتيب الأشياء وتغيير شكلها وتجزئتها الخ..داخل العقل
- الاستراتيجيات : هي القدرة الكامنة لدى الفرد، وهي الطريقة التي يستطيع الطفل من خلالها أن يتعامل مع المتغيرات البيئية خلال مراحل نموه من أجل حدوث تفاعلات جديدة بينه وبين البيئة ، وتتغير هذه الإستراتيجيات تبعاً لنضج الطفل وما يكتسبه من الخبرات.
-  البنية العقلية : حالة التفكير التي توجد لدى الفرد في مرحلة من مراحل نموه
-   الوظيفة العقلية : العمليات التي يلجأ اليها الفرد عند تفاعله مع مثيرات البيئة التي يتعامل معها .
-  الثوابت الوظيفية : ويقصد بها الطريقة أو طريقة التعامل مع البيئة هذه الطريقة واحدة وثابتة سواء في مستوى التكيف البيولوجي أو مستوى التكيف العقلي. وتتمثل هذه الثوابت الوظيفية في ناحيتين رئيسيتين هما التنظيم والتكيف .
-   الاحتفاظ : هو إدراك أن التغيرات الفيزيائية التي تحدث للأشياء كتغيير الشكل أو الطول لا يغير من مادة الجسم.
-  مركزية الذات : هي عدم مقدرة الطفل على وضع نفسه موضع الآخرين .
-  التنظيم : هو ميول فطرية يتم عن طريقها دمج وربط وتصنيف الخبرة التي يتلقاها الطفل بواسطة حواسه المختلفة.
- التكيف : هو قدرة الفرد على التعامل مع المؤثرات الخارجية.
-  المماثلة : هي جزء من عملية التكيف ، وهي استقبال المعلومات من الخارج ومماثلتها بما لدى الفرد من تراكيب معرفية من أجل احتوائها وضمها إلى الخبرات السابقة.
- الموائمة : هي عملية مكملة لعملية المماثلة ، وعن طريقها يقوم الفرد بتعديل تراكيبه المعرفية السابقة أو استبدالها لكي يستوعب ما استجد من خبرات.
-  النضج العصبي: النمو الفيزيائي الطبيعي للجهاز العصبى.
-  الخبرة : وتنقسم إلى خبرة فيزيائية تنتج عن التعامل مع الأشياء والتعرف على خصوصيتها الفيزيائية مثل الملمس واللون وغيرها ، وخبرة رياضية منطقية وتنتج من الأفعال الواقعة على الأشياء كترتيبها وتغيير أشكالها أو تصنيفها وغير ذلك.
- التوازن : حالة من الرضى والارتياح ، بعد حالة من عدم التوازن ، يصل إليها الطفل نتيجة تفاعله مع مؤثرات البيئة من خلال عمليتي المماثلة والموائمة .

5   النزعات الأساسية في التفكير عند بياجيه :

أولا التكيــف:

هو نزعة موروثة حيث يميل الكائن الحي إلى مواءمة نفسه مع البيئة التي يعيش فيها ,وهذا التكيف مفهوم معروف لدى علماء الأحياء منذ أكثر من مئة عام , ولكن الإسهام الحقيقي لبياجيه يتمثل في وصف التكيف وفي تجزئته إلى :
أ – التمثل أو الاستيعاب.                                 ب – المواءمة والملاءمة.
وهما عمليتان ديناميكيتان متفاعلتان للتكيف .

أ - التمثل أو الاستيعاب:
عبارة عن الطريقة العقلية التي بواسطتها يقوم الفرد بدمج الأمور الإدراكية الجديدة أو الأحداث المثيرة , في المخططات العقلية الموجودة عنده , أي تحويل الخبرات والأفكار الجديدة إلى شيء يناسب التنظيم المعرفي الذي يمتلكه الفرد ودمجها في هذا التنظيم , فالتمثل بهذا المعنى هو تغيير الواقع الخارجي ليتناسب مع البيئة المعرفية القائمة عند الفرد .

يتبع


Comments

Popular posts from this blog

المحتوى الكامن والمحتوى الظاهر للوحات الرورشاخ

بطاقة قراءة كتاب " تاريخ علم النفس و مدارسه "

المسرحية النفسية

مراحل تحليل الرائز TAT المنشور 02

البنية النفسية حسب بارجوري

اختبار تفهم الموضوع TAT المنشور 01

السيكودراما الجزء الاول

اختبار الرورشاخ 01

الجهاز النفسي