استخدم سجموند فرويد رموز
الأساطير في تفسيره لنشأة الدين ، أخلاق والحضارة، ومن أجل اثبات هذه الفرضية لجأ الى
أسطورتين، تتمثل الأولى في الأسطورة الطوطم و الطابو او الوليمة ، في حين تتمثل
الثانية في أسطورة “أوديب” بتجلياتها السيكولوجية ، وفي كلتا الأسطورتين تتجلى
جريمة قتل الأب و زنى المحارم.
تشكل هاتان الأسطورتان مادة فرويد المميزة في
الاستكشاف الرمزي لعمليات التشكل التاريخي للقيم والحضارة حيث يستلهم من أسطورة
القتل الأب اشكالية نشأت الحضارة الإنسانية، تلخص هذه الأسطورة أن جماعة من
البدائيين (الانسان القديم) في الكهوف،
يحكمها ذكر قوي "اب رمزي" ، كان قد استحوذ نساء القبيلة جميعهن، وفرض
نظاما من التحريم الجنسي الصارم على أبنائه وأفراد العشيرة، وتحت تأثير القمع
المستمر، والكبت الشديد لدوافع الأبناء وميولهم الجنسية، غضب الأبناء وثاروا على
أبيهم فقتلوه والتهموه، وعلى الأثر، وقع الأبناء في صراع مميت على ميراث الأب،
فدبت الفوضى بينهم، ونشب الصراع المميت، فاقتتل الأخوة، وهدرت دماؤهم، في ظل غياب
سلطة الأب وهيبته والنظام الذي وضعه.
التحليل سيكولوجي الرمزي
لعناصر الوليمة الطوطمية ، فالأبناء كما يرى فرويد، كانوا يناصبون الأب المتسلط
الكراهية والعداء نظرا للتحريم التكاثر الصارم الذي فرضه عليهم، ولكنهم كانوا في
الوقت نفسه يدينون له بالولاء والتقدير والإعجاب، إذ كان الأب لهم نموذجا وقدوة
يتماهون به ويرغبون في أن يكونوا على صورته.
وعندما أجهزوا عليه في نهاية مأساوية ، كابدهم الندم واستوطنهم الحزن،
و ارهقهم الألم، فأقاموا تحت تأثير هذا الندم والحزن طقوسا “طوطمية” تكريما للأب،
وتكفيرا عن إثمهم العظيم، وتأسيسا على هذا الموقف التكفيري أسسوا نظام التحريم، ثم
شيدوا نظاما من المقدسات التي حظروا بوجبها على أنفسهم ما كان الأب قد حرّمه عليهم
في سابق الأحوال، فنشأ التحريم والقانون ونظام التقديس وجرت العادات والتقاليد على
تكريس هذه المبادئ التحريمية و”الطوطمية” فنشأت القيم وظهرت الأنظمة الأخلاقية في
المجتمع.
Comments
Post a Comment
تسعدني تعليكاتكم و ليتكم تطرحوا اسئلتكم و ماذا تردون ان انشر